الجمعة، 18 يناير 2019

بداخلي أعشق ذاك الطفل


كان صغيرا
لكنه قرر أن يكبر باكرا
و عند تهافت السنين
هرب من الركام
ليختبئ داخل رجل كبير
كي يحافظ على ما تبقى من طفولته ...
و استفاق فجأة على واقع جديد
نبذ أحلامه القديمة
و بقايا ذكرياته المشوشة
لم تعد الدمى تغريه
لم تعد حكايات المساء تبعث في عينه
غشاوة النعاس
زند يزداد صلابة
و خوف ينسل إلى زوايا عقله الصغير
كلما كبر يوما
كبرت معه همومه..
و في التفافه على الواقع
دخل معترك المتاهات...
نسي تلك الأحلام البسيطة
لم يعد يحلم بدمية ترسم بسمته
أو حقيبة جلد تضم أقلامه و كتبه
لم يعد يناجي نجمة الأمنيات...
زرع أحلامه في خريطة
و ازدادت الخريطة اتساعا
ربما ... لتحيط بكل أحلامه ...
ركب قطار الحياة
فكانت محطاته كثيرة
لكنه كلما نظر من نافذة الأيام
تسرب الصقيع إلى أوصاله
حتى أعادت لنبضه الدفء
صغيرة .. كانت بعمره
أحبها حب طفولي بريء
لعب معها ألعاب الأطفال الساذجة
لكنها كعادة كل البنات
كبرت قبله
و استقلت قطارا آخر و سبقته
لتتركه فريسة للوحدة و الحزن
و أشباح الليل التي تنهش النوم من عينيه ...
اعتاد الصدمات
و أدمن الوجع
و ما بين مد و جزر
يركب بحار الوحدة و الهجر
رياح الخوف تدفع أشرعته
نحو المجهول الشاسع
و أمواج الحنين تشده لشاطئ بارد
لا زالت أشلاء  ذكرياته
تتكسر على صخوره
و ما بين شد و جذب
يبقى المركب مترنحا
وسط المحيط المجهول ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق